الغزو الصهيوني للنقب: تحويل اصحاب الارض الى "غزاة يجب إقتلاعهم"...؟!
نواف الزرو
Nzaro22@hotmail.com
هكذا هي الامور وهكذا هو المشهد في فلسطين بمنتهى الوضوح: يقومون بغزو الارض العربية في النقب العربي المحتل بغية اقتلاع اصحابها وتهجيرهم بذريعة "انهم يقومون بغزو هذه الاراضي-اليهودية-...!"، وقد يتساء البعض:هل هذا معقول....؟!، نعم، فكل ما يجري هناك في فلسطين يرتقي الى مستوى اللامعقول، والمسألة التي نحن بصددها ليست اعلامية او مبالغ فيها او تزييفا او للاستهلاك العام فقط، وانما هي بمنتهى الجدية والخطورة، فهي تحول الحق الى باطل والباطل الى حق، وتحول المجرم الى ضحية والضحية الى مجرم، وتحول الغزاة الى مالكين واصحاب الارض، بينما تحول اصحاب الارض والوطن والتاريخ والحقوق الى غزاة، فهل حدث ذلك في التاريخ مثلا وكم مرة...؟
ان ما يحدث في هذا الزمن العربي الرديء في فلسطين في كل ساعة وفي كل مكان، بل على امتداد مساحة فلسطين من بحرها الى نهرها، ويحدث بكل الاشكال التي تخطر بالبال او لا تخطر، ويحدث على طريقة الكاوبوي الامريكي في ذروته، ويحدث ايضا بغطاء قانوني من الكنيست الصهيوني، الذي كان اقر قبل سنوات قليلة مشروع قانون اطلق عليه اسم قانون "معاقبة الغزاة"، ومن هم هؤلاء الغزاة في تعريف القانون الصهيوني...؟.
انهم المواطنون العرب هناك في فلسطين المحتلة 48، وكما نتابع في الايام الاخيرة ما يجري على ارض النقب المحتل، حيث جندت ووظفت دولة الاحتلال جيوشها وآلياتها ومستوطنيها الارهابيين ضد أهلن في قرى النقب في غزوة تسعى الى اقتلاعهم من اراضيهم وبيوتهم وتهجيرهم منها على طريقة التطهير العرقي بنسخة جديدة تتناسب مع القرن ال 21...؟!
كان النائب العربي في الكنيست جمال زحالقة دعا المواطنين العرب الى التصدي لأوامر احتلالية صدرت بإخلاء خمسة عشر عائلة من بيوتها في كفرقاسم- باسم "قانون معاقبة الغزاة-الذي اقره الكنيست الاسرائيلي آنذاك-"-، مؤكداً: "لن نسمح بالإخلاء، وهذه ليست قضية أصحاب البيوت وحدهم بل قضية بلد وشعب"، وتساءل زحالقة : "من الغازي هنا؟ لو جرى إخلاء الغزاة الفعليين لما بقيت الدولة العبرية برمتها".
وهنا مرة اخرى نعود لنستحضر ونذكر بما كنا نشرناه حول الاستخفاف الصهيوني بالفلسطينيين والعرب والعالم، فيما يتعلق بقرارات وهجمات الاستعمار الاستيطاني في فلسطين، فعلى الرغم من حجم الاحتجاجات والتنديدات الدولية يالاعلانات الاسرائيلية المتعاقبة عن مصادرات الاراضي و بناء آلاف الوحدات الاستيطانية، الا انهم و يبصقون في وجه العالم بمنتهى التحدي ويجمعون على:"إنه لا يهم ما تقوله الأمم المتحدة".
فهل هناك يا ترى وضوحا وصلافة اشد من ذلك...؟!
يحتلون البلاد و ويهودون الارض والتاريخ والتراث..ويواصلون حروب التدمير والتخريب والالغاء للوجود والحقوق الفلسطينية...!
ويرفضون كافة القرارات الاممية المتعلقة بهذه الحقوق...!
ويرفضون كافة المطالبات والتوجهات الفلسطينية والعربية للمجتمع الدولي والامم المتحدة ...!
الى كل ذلك، ففي المشهد الفلسطيني الماثل المزيد والمزيد:
فجيش ومستعمري الاحتلال يصولون ويجولون ويعيثون فسادا وتخريبا وتهديما وتهويدا...!
وقطعان المستوطنين اليهود يشنون-تحت حماية الجيش- حربا مسعورة على الارض والمزارعين وعلى شجرة الزيتون الفلسطينية على مدار الساعة...
يقطعون ويخربون ويحرقون ويسرقون ويدمرون مواسم الزيتون الفلسطيني.
ويقتلون اصحاب الارض والشجر..!
وليس ذلك فحسب، فهم يغطون عمليا السلب والنهب والسطو المسلح والجرائم بالايديولوجيا والاساطير الدينية، فالحاخام ياكوف سافير يعبر عن ذلك قائلا:"ان الانتقادات الدولية للاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية "سخيفة لان الله هو الذي وعد اليهود بهذه الأرض وعلى العرب ان يرحلوا الى مكان آخر"، ويضيف:"ان هذه الأرض هي ارض يهودية-انها ديارنا"؟.
عمليا على امتداد مساحة الارض فلسطين لم يتوقف بلدوزر التجريف والاستيطان عن العمل في الجسم الفلسطيني ، اذ تكشف لنا احدث عناوين مشهد الاستيطان ونهب الاراضي العربية النقاب عن معطيات مذهلة حول مناطق نفوذ المستوطنات وامتداداتها وتداعياتها على مستقبل الوحدة الجيوديموغرافية الفلسطينية...!
فما يجري على كل الارض الفلسطينية هو سطو صهيوني مسلح في وضح النهار على الارض والقضية والتاريخ والتراث...!
وما يجري هو انتهاك صارخ متواصل لكافة المواثيق و القرارات الدولية...!
وما يجري هو استخفاف بالعرب واحتقار سافر لهم ولمبادرتهم العربية...!
وما يجري تغطيه دولة الاحتلال بالقوة الغاشمة..!.
وكل ذلك يجري في وضح النهار على مرأى من المجتمع الدولي...!
فلماذا تتمادى وتعربد"اسرائيل" على هذا النحو مع الفلسطينيين...؟!
وماذا نحن فاعلون فلسطينيا وعربيا في ضوء كل ذلك...؟!
سؤال كبير عاجل ملح مزمن على الاجندات الفلسطينية العربية والاممية..!
|