بيروت ـ “راي اليوم” ـ من نور علي:

في إطالة نادرة جمعت الفريق جبريل الرجوب امين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، ونائب رئيس حركة حماس صالح العاروري في برنامج المسائية اليومي على شاشة الميادين، وفي توقيت في غاية الحساسة بالنسبة للوضع الفلسطيني بعد المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين واسفرت عن ارتقاء عشرة شهداء وعدد من الجرحى وتدمير عدد من المنازل في المخيم. بدا الرجلان اللذان صنعا اختراقا كبيرا في جدار الانقسام قبل نحو عامين في حالة توافق كامل في كل الطروحات والتصورات. واثنى الشيخ العاروري على بيان اجتماع القيادة الفلسطينية الذي عقد مساء امس، وصدرت عنه قرارات تضمنت وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، والعمل على استعادة الوحدة الوطنية، والتوجه الى محكمة الجنايات الدولية لاضافة مجزرة جنين الى الملفات التي تم تقديمها سابقا، والتوجه الى مجلس الامن الدولي لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني تحت الفصل السابع. ووصف العاروري الرجوب بالاخ المناضل الذي نثق به. وابدى العاروري استعداد حماس للتعاون مع فتح في كل خطوة لتنفيذ هذا البيان على قاعدة المقاومة و تفعيل الصدام والمواجهة مع الاحتلال.

وبالمقابل قال الرجوب ان صالح العاروري رجل وطني وله مكانته واحترامه عند حركة وفتح وكل الفلسطينيين. واعتبر الرجوب ان اطلالته مع العاروري بشكل مشترك من اجل ارسال رسالة امل الى الشعب الفلسطيني لطي صفحة الانقسام. وأضاف الرجوب نحن جاهزون لترتيب كل الظروف لانضمام حركة حماس والجهاد الى منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة الاستراتيجية الوطنية الموحدة، والحفاظ على منجزات الشعب الفلسطيني.

وقال الرجوب ان كل ما قاله الأخ العاروري عن المقاومة والصدام مع هذا الاحتلال نحن في حركة فتح جاهزون لتطويره وتحويله الى اجماع وطني ومن حقنا استخدام كل اشكال المقاومة. واعتبر الرجوب ان ثناء العاروري وترحيبه ببيان القيادة الفلسطينية يؤسس لمرحلة من التوافق.

بدوره قال العاروري ان جهوده مع الرجوب سابقا انجرت تصورا شاملا، للتكامل بين فتح وحماس. ولكن حصل انتكاسة في اللحظات الأخيرة. ورفض العاروري التحدث عمن يتحمل مسؤولية هذه الانتكاسة لانه كما قال يريد التطلع الى المستقبل. وأضاف العاروري ان بيان القيادة الفلسطينية في رام الله اليوم يؤسس لمرحلة جديدة من التفاهم،ويجب ان لا يتم السماح للاحتلال بتنفيذ خططه والبدء فورا في بناء الوحدة الفلسطينية.

كلام العاروري والرجوب، وظهورهما المشترك، وتبادل الرسائل الإيجابية على الهواء مباشرة، بعث برسالة امل للشعب الفلسطيني الذي سأم حالة الانقسام في ظل مواجهة دامية مع حكومة نتنياهو الفاشية، وباتت الوحدة ضرورة ملحة وعاجلة. وقد يكون العاروري والرجوب استعادا دفة قيادة مسار المصالحة، بعد ان منيت جهودهما المضنية سابقا، وبعد ان توصلا الى اتفاق غير مسبوق الى انتكاسة ونكوص. ولم يصل اتفاق الجزائر على رغم من اعتباره إنجازا الى موضع التنفيذ، ولم يكن للرجلين دورا قياديا بارزا في المحاولة الثانية للوحدة في الجزائر. ولكن اليوم يبدو انهما عادا الى ثنائية ” الرجوب العاروري ” مرة أخرى. وما يعزز هذا الطرح، المعلومات التي حصلت عليها “رأي اليوم” من مصادر فلسطينية ان لقاء سيجمع العاروري والرجوب الأسبوع المقبل لبحث التنفيذ العملي للتوافقات النظرية.

وحسب بعض الأوساط الفلسطينية فان الرجلين يعانيان بشكل مزمن من اطراف داخلية متضررة من المصالحة او متشددة حد التعصب ضد الطرف الاخر.

ويبدو توافر كيمياء شخصية بين العاروري والرجوب، فكلاهما يثق بالاخر، واللقاءات التي تمت بينهم سابقا حسب مصادر مطلعة على تلك الاجتماعات سادتها الصراحة المطلقة والشفافية بعيدا عن المزايدات الحزبية.

 لكن هل تكفي نوايا رجلان صادقان متحرران من الحسابات الضيقة، ويحملان املا في وحدة وطنية تقدم هدية للشعب الفلسطيني، ربما الحال الفلسطيني اعقد من ذلك بكثير