يُجمِع الخبراء والمُعلّقين وكبار المسؤولين من المُستويين السياسيّ والأمنيّ في كيان الاحتلال الإسرائيليّ، يُجمِعوا على أنّ العلاقات الحاليّة بين القاهرة وتل أبيب تمُرّ في شهر عسلٍ، لم تشهده العلاقات بين البلدين من ذي قبل، مُشدّدّين في الوقت عينه على أنّ المايسترو، أيْ قائِد الفرقة، هو الرئيس المصريّ، المُشير عبد الفتّاح السيسي، الذي وصلت العلاقة بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو إلى القمّة، وهو الأمر الذي دفع نتنياهو إلى الطلب من الرئيس الأمريكيّ أنْ يكون الرئيس المصريّ عرّاب تسويق “صفقة القرن” بدلاً من وليّ العهد السعوديّ، محمد ابن سلمان، كما أكّدت مصادر عليمة جدًا في المؤسسة السياسيّة الإسرائيليّة لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة.
في السياق عينه، قال مستشرقٌ إسرائيليٌّ إنّ العلاقات الإسرائيليّة مع الدول العربيّة تأخذ مديات متعددة، وفي أكثر من مجال وقطاع، وهو ما يتضح في العديد من الاتصالات والعلاقات السريّة والعلنيّة، وأضاف جاكي خوجي الكاتب الإسرائيليّ، الذي يعمل مُحلِّلاً للشؤون العربيّة في إذاعة جيش الاحتلال (غالي تساهل)، أضاف في مقالٍ نشره بصحيفة (معاريف) العبريّة، أضاف أنّ هناك العديد من الأمثلة على العلاقات العربيّة الإسرائيليّة، ومنها ما هو قائم بين مصر وإسرائيل، حيث لا يوجد هناك صديق لبنيامين نتنياهو في المنطقة أكثر من عبد الفتاح السيسي، وبعيدًا عن عناوين الأخبار فقد نجح الاثنان في إنضاج مستوى متقدّمٍ من العلاقات الوثيقة والمتقاربة، على حدّ تعبير المصادر السياسيّة في تل أبيب، التي اعتمد عليها المُستشرِق الإسرائيليّ.
ولفت المُستشرِق حوغي أيضًا إلى أنّه ليس غريبًا عدم صدور أيّ كلمة انتقادٍ من تل أبيب باتجاه القاهرة ونظام السيسي، وفي الوقت ذاته، شدّدّ الكاتِب، لم نسمع الأخير ينتقد نتنياهو كما فعل من سبقه من الرؤساء المصريين، كما أنّ الدور المصريّ في كلّ ما يتعلّق بالوضع في غزة مُهّمٌ جدًا، والكثير من الإسرائيليين مدينون بالشكر والعرفان لمبعوثي السيسي الذين يبذلون جهودًا حثيثةً لتثبيت التهدئة بصورةٍ دوريّةٍ في قطاع غزة، على حدّ قوله.
وخلُص المُستشرِق الإسرائيليّ إلى القول، نقلاً عن المصادر عينها، إنّه على الرغم من العلاقة الوثيقة والوطيدة بين السيسي ونتنياهو، فإنّ الشارع المصريّ، أيْ الرأي العّام في بلاد الكنانة، ما زال يصف إسرائيل بالعدوّ، وهي تبدو مثل كيس الملاكمة بأقلام وكتابات كبار الصحفيين وموجهي الرأي العام المصري، ورغم المودّة القائمة بين الحكومتين في القاهرة وتل أبيب، فإنّ العلاقات الشعبيّة والجماهيريّة بين الشعبين لا زالت باردةً وفاترةً، على حدّ قوله.
عُلاوةً على ذلك، انتقل المُستشرِق إلى العلاقات الإسرائيليّة مع السعودية، حيث إنّ هناك تعاونًا ثنائيًا سريًا يجري منذ سنواتٍ طويلةٍ بينهما لمواجهة إيران وأذرعها المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط، ومن غير المتوقع أنْ نتعرّف على حجم الخدمات الأمنيّة التي قدّمتها الرياض إلى تل أبيب في هذه المعركة السرية، وماذا تلّقت منها في المقابل، لكن الإشارات والرموز باتت أكثر من واضحةٍ، طبقًا لأقواله.
في السياق عينه، قال الجنرال الإسرائيليّ المُتقاعد، الذي كان ناطقًا بلسان جيش الاحتلال في صحيفة (معاريف) العبريّة، آفي بنياهو، إنّ السيسي هدية شعب مصر لإسرائيل، لافتًا إلى أنّ تصدّي السيسي للديمقراطيّة في مصر أدّى إلى ضمان استقرار المنطقة، وهذه مصلحة إستراتيجيّة للدولة العبريّة.
أمّا الباحث في مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، أوفير فنتور، فقال إنّ تل أبيب حققت إنجازًا كبيرًا بصعود السيسي، لافتًا إلى أنّ هذا الإنجاز تمثل في تقليص مكانة القضية الفلسطينيّة والحدّ من مكانتها في الجدل العربيّ العّام، مشيرًا إلى أنّ السيسي حرص على التقليل من شأن الموضوع الفلسطينيّ بحجة الاهتمام بالشأن المصريّ الخّاص.
وشدد فنتور على أنّ إسرائيل استفادت من الحرب التي شنّها السيسي على جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس، علاوة على استفادتها من حرص القاهرة على تعميق التعاون الاقتصاديّ وتكريس التطبيع السياسيّ والثقافيّ، طبقًا لأقواله.
من جهته، قال مُحلِّل الشؤون العربيّة في موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ، آفي إيسخاروف، قال في تحليلٍ نشره على الموقع إنّ الرئيس المصريّ السيسي أثبت مُجددًا أنّه الزعيم العربيّ الأشجع في المنطقة، فقد تجرّأ وفعل ما يحاول الآخرون فعله طوال الوقت من تحت رادار وسائل الإعلام والاجتماع بقادة إسرائيليين، من بينهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابِق أفيغدور ليبرمان، على حدّ تعبيره.