نشر عميد الأسرى الفلسطينيين، كريم يونس (64 عاماً) رسالة، اليوم الأحد، وذلك قبل " ساعات معدودة" من معانقته الحرية، بعد إتمامه 40 عاماً بالكامل في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
سلّم يونس رسالته الأخيرة من السجن في ريمونيم خلال زيارة المحامية غيد القاسم له اليوم.
وجاء في رسالة كريم يونس "أغادر زنزانتي ولطالما تمنيتُ أن أغادرها منتزعا حريتي برفقةِ إخوة الدرب ورفاق النضال، متخيلا استقبالا يعبر عن نصرٍ وإنجازٍ كبير، لكني أجد نفسي غير راغبٌ، أحاول أن أتجنب آلام الفراق ومعاناة لحظات الوداع لإخوة ظننتُ أني سأكمل العمرَ بصحبتهم".
وأضاف "سأترك زنزانتي وأغادر، لكن روحي باقيةٌ مع هؤلاء القابضينَ على الجمر، المحافظين على جذوة النضال الفلسطيني".
وجاء في الرسالة كذلك: "سأترك زنزانتي مؤكدًا أننا كنا ولا زلنا فخورينَ بأهلنا وبأبناء شعبنا أينما كانوا في الوطن والشتات، الذين احتضنونا واحتضنوا قضيتنا على مر كل تلك السنين، وكانوا أوفياء لقضيتنا ولقضية شعبنا، الأمر الذي يبعثُ فينا دائما أملاً متجددا ويقينا راسخا بعدالة قضيتنا وصدق انتمائنا وجدوى وجوهرِ نضالنا".
وكريم يونس من مواليد بلدة عارة في الداخل الفلسطيني، في 23 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1958. وقد اعتُقل في السادس من يناير/كانون الثاني من عام 1983، وقد حُكم عليه بالسجن المؤبّد بتهمة "الانتماء إلى حركة فتح" المحظورة حينها، و"حيازة أسلحة بطريقة غير منظمة" و"قتل جندي إسرائيلي". وكانت المحكمة العسكرية في مدينة اللدّ قد أصدرت حكماً بـ"الإعدام شنقاً"، وبعد شهر عادت وعدلت عن قرارها، فأصدرت حكماً بتخفيف العقوبة من الإعدام إلى السجن مدى الحياة، أي أربعين عاماً.
رسالة كريم يونس "ها أنا أوشك ان اغادر زنزانتي المظلمة التي تعلم ُت فيها ان ال أخشى الظالم، وفيها تعلم ُت ان ال اشعَر بالغربة او بالوحدة ألنني بين اخوتي اخوةُ القيد والمعاناة، اخوة جمعنا قسٌم واحد وعهٌد واحد، ٍز اغادر زنزانتي ولطالما تمني ُت ان اغادرها منتزعا حريتي برفق ِة اخوة الدرب ورفاق النضال، متخيال استقبا ٌل يعبر عن نصٍر وانجا كبير، لكني اجد نفسي غير راغ ٌب احاول ان اتجنب الالم الفراق ومعاناة لحظات الوداع إلخوة ظنن ُت اني سأكمل العمَر بصحبتهم وهم حتما ثواب ٌت في حياتي كالجبال ولكلما اقتربت ساعت خروجي اشعر بالخيب ِة وبالعجِز خصوصا حين انظر في عيون احدهم وبعضهم قد تجاوز الثالثة عقود، ساترك زنزانتي واغادر لكن روحي باقيةٌ مع هؤالء القابضي َن على الجمر المحافظين على جذوة النضال الفلسطيني برمته مع هؤالء الذين لم ولن ين كسروا لكن سنوا ِت اعمارهم تنزلق من تحتهم ومن فوقهم ومن امامهم ومن خلفهم وهم ال زالوا يطمحون بان يروا شمس الحرية لما تبقى من اعمارهم وقبل ان تصاب رغبتهم بالحياة بالتكل ِف واالنحدار، ساترك زنزانتي واالفكار فجأة تتزاحم وتتراقص على عتبة ذهني وتشو ُش عقلي فأتساءل محتارا على غير عادتي الى متى يستطي ُع االسير ان يحمل جثته على ظهره ويتابع حياته والموت يمشي معه وكيف لهذه المعاناة والموت البطيء ان يبقى قدرهُ الى امٍد ال ينتهي في ظل مستقب ٍل مجهول وافق مسدود وامل مفقود وقل ٌق يزداد مما نشاه ُد ونرى من تخاذ ٍل وعدم اكتراث امام استكالب عصاباتٍ تملك دولة تكبر وتتوحش وتزداد توحشا وهي تستقوي على فريس ٍة عجفاء هزيل ٍة لها ساق واحدة ويد واحدة ونصف راس، تكاد ال ترى وال تسمع، مع ذلك تُنهش كل يوم دون ان تشعر ان جروحها قد ال تندمل وان ال امل لها بحياةٍ هادئة ومستقرة. ساترك زنزانتي وانا مدر ٌك بأن سفينتنا تتالطمها االمواج الدولية من كل صو ٍب وحدب والعواصف االقليمية تعصف بها من الشرق والغرب والزالزل محلية وبراكين عدوانية تكاد تبتلعها وهي تبتعد وتبتعد عن شاطئ حاول قبطانها ان يرسو اليه قبل أكثر من ربع قرن. ساترك زنزانتي مؤكدًا اننا كنا وال زلنا فخورو َن باهلنا وبأبناء شعبنا اينما كانوا في الوطن والشتات الذين احتضنونا واحتضنوا قضيتنا على مر كل تلك السنين وكانوا اوفياء لقضيتنا ولقضية شعبنا االمر الذي يبع ُث فينا دائما امالً متجددا ويقينا راسخا بعدالة قضيتنا وصدق انتماءنا وجدوى وجوه ِر . نضالنا سأترك زنزانتي رافعا قبعتي لجيل ال شك انه ال يشبه جيلي جيل من الشباب الناشط والناشطات الذين يتصدرون المشهد فالسنوات األخيرة جيل من الواضح انهم أقوى وأجرئ وأشجع واالجدر الستالم الراية كيف ال وهم المطلعين على الحكاية والحافظين لكل الرواية والحريصين على تنفيذ الوصايا، وصايا شعبنا المشتت المشرد بانتزاع حقه بالعودة وتقرير المصير فطوبى لهذا الجيل الصاعد برغم أجواء التهافت. سأتر ُك زنزانتي بعد ايام قليله والرهبة تجتاحني باقتراب عالم ال يشبه عالمي وها انا اقترب من لحظ ٍة ال بد لي فيها اال وان امر على قديم استطيع فيها ان ابتسم في وجه صورتي القديمة دون ان اشعر بالندِم او بالخذالن ودون ان اضطر الن جروحي وقديم ذكرياتي لحظةٌ ابره َن البديهي الذي عشتهُ وعايشته على مدار اربعين عاما علني استطيع ان أتأقلم مع مرآتي الجديدة وانا عائد النشد مع ابناء شعبي في كل مكان نشيد بالدي نشيد الفد .نشيد العودة والتحرير."